• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    الطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

من المقصود بالـ"الفرق" في واقعنا المعاصر؟

من المقصود بالـ  الفرق  في واقعنا المعاصر؟
شريف محمد جابر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/4/2012 ميلادي - 13/5/1433 هجري

الزيارات: 10099

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يتداول الكثير من النَّاس الحديثَ عن الفِرَق التي افترقتْ عليها الأمة الإسلامية، مصداقًا لحديث الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلّم - ويختلفون كثيرًا حول الفئات المقصودة بمسمَّى "الفِرَق"، والتي توعَّدها الحديث النبوي بالخُسران؛ لانحرافها عن جادَّة السنة والجماعة؛ فقد جاء في الحديث عن عبدالله بن عمرو بن العاص: ((ليأتينَّ على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حَذْوَ النعل بالنعل، حتى إنْ كان منهم مَن أتى أمَّه علانيةً، لكان في أمتي مَن يصنع ذلك، وإنَّ بني إسرائيل تفرَّقت على ثِنْتين وسبعين ملَّة، وتفترق أمتي على ثلاثٍ وسبعين ملَّة، كلُّهم في النَّار إلا ملة واحدة))، قال: من هي يا رسول الله؟ قال: ((ما أنا عليه وأصحابي))؛ رواه التِّرمذي، وصحَّحه الألباني، وقد ورد في رواياتٌ أخرى.

 

وقد أحببتُ في هذا المقالِ الموجز أن أردَّ على قول من قال: إنَّ الحركاتِ والجماعات والأحزابَ الإسلامية الموجودةَ في واقعنا المعاصر تقع تحت وصف التفرُّق المذموم هذا، وهي بذلك محرَّمة على الإطلاق، وهو قول بعيد عن الفهم الشرعي الصحيح، وبعيدٌ عن مفهوم "الفِرَق" كما هو في الأحاديث النبوية، والسبب الأكبر في عدم تحقيق المعنى الصحيح للفِرَق عند هؤلاء هو التعامل مع النصوص الشرعية وَفْقَ منهج "انتقائي"، يتجاهل الكثير من الرِّوايات، ويتجاهل الكثير من الأحكام الشرعية الأخرى، فيأخذ روايةً من حديث ويبني على فهمه الخاطئ لها صرحَ استدلالاته المغلوطة، وقد تجاهل هذا وغيرُه مِمَّن ذهب هذا المذهبَ في الفهم منهجَ: "الجمع بين أطراف الأدلَّة"، وهو من طرائق الاستدلال الصَّحيحة عند أهل السنة والجماعة، بخلاف أهل البدع ومتَّبعي المتشابه.

 

يقول الإمام الشاطبي في كتابه "الموافقات - الجزء الثالث": "وكذلك الخوارج حيث اتَّبعوا قوله - تعالى -: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ [الأنعام: 57]، وتركوا مبيِّنَه: ﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 95]، وقوله: ﴿ فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35]، واتَّبع الجبريَّةُ قولَه: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 96]، وتركوا بيانَه وهو قولُه: ﴿ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة: 82].. وما أشبهه، وهكذا سائر من اتَّبع هذه الأطراف من غير نظَرٍ فيما وراءها، ولو جمعوا بين ذلك، ووصَلوا ما أمر الله به أن يُوصَل، لوصلوا إلى المقصود، فإذا ثبَت هذا، فالبيان مقترنٌ بالمبين، فإذا أُخذ المبين من غير بيان صار متشابهًا، وليس المتشابهَ في نفسه، بل الزائغون أدخلوا فيه التَّشابه على أنفسهم، فضلُّوا عن الصراط المستقيم"؛ اهـ.

 

فإنَّنا لو تتبَّعنا روايات هذا الحديثِ الذي يذكر الفِرق، لوجدنا رواية أخرى تبيِّن أحد أوصافها الذي من أجله آلت إلى مصيرها نحو الهاوية، كما جاء في الحديث الصحيح؛ فعن عوف بن مالك الأشجعي أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((تفترق أمَّتي على بضع وسبعين فرقةً، أعظمُها فتنةً على أمَّتي قوم يقيسون الأمور برأيهم؛ فيُحلُّون الحرام، ويحرِّمون الحلال))؛ أخرجه الهيثميُّ في مجمع الزوائد، ورجاله رجال الصحيح.

 

فأعظم هذه الفِرَق فتنةً، هي التي تستبدل معايير الرأي والهوى الشخصي بالمعيار الشرعي، فتُحلُّ الحرام وتحرِّم الحلال، ومن هنا كان وصف "الانتساب إلى غير الشرع في الأحكام" هو أحدَ الأوصاف الأساسية الملاصقة للفِرَق التي قصَدها الحديث.

 

وكذلك فإن "الافتراق" هو نقيض "الاجتماع"، قال - تعالى -: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]؛ فقد أمر بالاعتصام بحبل الله على هيئة "الاجتماع"، وكان ضده "الافتراق".


ويَزيد في إيضاح مفهوم "التفرُّق" قولُه - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الأنعام: 159]؛ فمعنى التفرُّق هنا يدور حول "الدِّين"؛ أي: الافتراق في الدين، ويعني ذلك أن "الاجتماع على غير دين الإسلام" يُدخل في وصف الفِرَق المذمومة في الحديث.

 

وبِناءً على هذه المدلولات الواضحة في أوصاف الفِرَق، تكون الأوضاع التي تجتمع على غير الإسلام "تتولَّى بغير ولاية الإسلام"، وتنتسب إلى غير الشرع "في الأحكام" - تكونُ داخلةً في وصف "الفِرَق" التي ذُكرت في الحديث الشريف.

 

وزيادة في تأكيد هذا المعنى، أنقلُ تأصيلاً شرعيًّا رائعًا على طريقة "الجمع بين أطراف الأدلة" لفضيلة الشيخ الأصوليِّ عبدالمجيد بن يوسف الشاذلي، فقد جاء في كتابه "البلاغ المبين":

"...وهذه رواياتُ حديث حذيفة الذي ترجم له العلماء "كيف الأمرُ إذا لم تكن جماعةٌ": جاء في صحيح البخاريِّ باب "كيف الأمر إذا لم تكن جماعة": حدَّثنا محمد بن المثنى حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ابن جابر - في مسلم: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر - حدثني بُسر بن عبيدالله الحضري، أنه سمع أبا إدريسَ الخَولانيَّ، أنه سمع حذيفةَ بن اليمان يقول: "كان الناس يسألون رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الخير وكنتُ أسأله عن الشرِّ مخافةَ أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنَّا كنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا اللهُ بهذا الخير[1] ، فهل بعد هذا الخير من شر[2] ؟ قال: ((نعم))، قلتُ [3]: وهل بعد ذلك الشِّر من خير؟ قال: ((نعَم، وفيه دَخَنٌ))، قلت: وما دَخَنُه؟ قال: ((قومٌ[4] يهدون بغير هديِى، تعرِف منهم وتُنكر [5]))، قلتُ: فهل بعد ذلك الخيرِ من شرٍّ؟ قال: ((نعم، دعاةٌ على أبواب جهنَّم، مَن أجابهم إليها، قذفوه فيها))، قلت: يا رسول الله، صِفْهم لنا، قال: ((هم من جِلْدتنا [6] ويتكلَّمون بألسنتنا))، قلت: فما تأمرني إن أدرَكني ذلك؟ قال: ((تلزمُ جماعة المسلمين [7] وإمامهم [8]))، قلت [9]: فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمام؟ قال: ((فاعتزل [10] تلك الفِرَق كلَّها، ولو أن تعَضَّ بأصل شجرة حتى يدركَك الموت وأنت على ذلك)).

 

أقول: واضح جدًّا من الروايات "7"، "8"، "9" أن المقصود بالجماعة هو: الخليفةُ السلطان صاحبُ الشَّوكة والسلطة، وهذا واضح ليس فقط من المعنى؛ وإنما اللَّفظ الصريح، وأن المراحل السابقة أيضًا هي في جماعة التَّمكين: الخير الخالص، الخير المشوب بالدَّخَن، والفتنة، وأن الفِرَق أيضًا أوضاعٌ ممكَّنة، ولكن اجتماع على غير الإسلام، وانتساب إلى غير الشرع، فخرجت عن معنى الخلافة، أو الخليفة، وخرجت عن معنى الشرعيَّة، فوجب اعتزالُها، وليس المقصود بها الجماعاتِ غير الممكَّنة.

 

فالذي يقول: إن الجماعات الإسلامية فِرَق - من فَهْم هذا الحديث - مخطئ تمامًا، والذي يقول: إن واحدًا من هذه الجماعات خلافةٌ إسلامية، مُلزِمة بالسمع والطاعة، وأنَّ مَن لم يلزمها ويسمعْ ويُطعْ لأميرها - فلان - فهو كافر، مخطئ تمامًا، ومبتدع.

 

فنحن الآن في الوقت الذي ترجم له البخاري: "كيف الأمرُ إذا لم تكن جماعة"، وأمرُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لحذيفة هو أمرٌ لنا: اعتزالُ كلِّ الأوضاع التي تقوم على الاجتماع على غير الإسلام، والانتساب إلى غير الشرع، لم يأمرْنا بلزوم فلان، ولا بإقامة جماعةٍ من ثلاثة تكون ملزِمةً لغيرنا، ومَن خرج عنها يكون كافرًا، ولا بشيء من هذه البدع المحدثة"؛ اهـ من كتاب "البلاغ المبين" لفضيلة الشيخ عبدالمجيد بن يوسف الشاذلي.

 

ولئن كان فضيلة الشيخ يردُّ في هذا البيان وغيره على الفِرَق التي تقول: مَن ليس في جماعتنا، فهو كافر، فإنَّ ما توصَّل إليه يردُّ فيه - كذلك - على من يقول: إنَّ جماعات العمل الإسلامي المعاصرة هي "فِرَق" مذمومة، فيسقط مدلول الفرق الوارد في هذا الحديث وغيره عليها! وهذا خطأ محضٌ، وقد تبيَّن لنا ذلك من خلال الاستدلال الصَّحيح المعتمِد على أصول الاستدلال عند أهل السنة والجماعة، وعلى وجه الخصوص قاعدة: "الجمع بين أطراف الأدلة"، وعدم الركون إلى فهم قاصر لرواية واحدة.

 

ويظهر لنا - إذًا - من خلال بيان الأحاديث - وقبلها الآيات التي أوردناها في مفهوم "الفِرَق" - أنها تحمل بشكل أساسي أوصافَ:

• الانتسابِ إلى غير الشرع في الأحكام؛ أي: اتخاذ معايير أخرى للتحاكم، والإعراض عن المصادر الشرعية المعصومة.

 

• الاجتماعِ على غير الإسلام (وصف التفرُّق عن الدِّين، والتولِّي بغير ولاية الإسلام).

 

ومن خلال الوصف الأول "الانتساب إلى غير الشرع" تدخل في معنى الفِرَق: المجتمعات والأوضاع العَلْمانية؛ على اعتبار أنَّها كِيانات ممكَّنة؛ كالنُّظم العربية وغير العربية التي نبَذت شريعة الله، واتَّخذت لها دساتير وضعيَّة تتحاكم إليها، ونسبت مهمة التشريع إلى البشر القاصرين، فيُصدرون القوانين ويلتزمون بهذه الدساتير الوضعية، وبهذا هم منتسبون إلى غير شريعة الله في الأحكام، بل إلى شرائعهم الوضعيَّة التي وضعوها بآرائهم وأهوائهم، وتدخل فيه الكِيانات المجتمعة على البدع المنحرفة عن أصول الدين؛ كالنظام الإيراني الشِّيعي، والذي تختلط فيه المفاهيم الغربية غيرُ الشرعية بالمفاهيم البِدْعية الشيعية، فهو لا يمثِّل "جماعة" بمعنى: خلافة، أو وضع ممكَّن تجب طاعتُه كما ورد في الحديث؛ لأنَّه وقع في وصف الفِرَق التي أوجب الحديثُ اعتزالَها، وكذا هو حال جميع النُّظم العَلْمانية والبدعية التي تنتسب إلى غير الشرع.

 

ومن خلال الوصف الثاني "الاجتماع على غير الإسلام" تدخل في معنى الفرق كذلك: المجتمعات والأوضاع العلمانية؛ باجتماعها على غير الإسلام كالوطنيَّة والقومية، فهي تتولَّى بغير ولاية الإسلام، فتجعل "المواطنة" بديلاً لمفهوم "الأمة" في الإسلام، وتُساوي بها بين المسلمِ والكافر بدعوى تقول: إنَّهما مواطنان، لهما ذات الحقوق والواجبات، وأمَّا المسلم الذي لا يحمل مواطنةَ هذه الكيانات، فلا ينال حقوق الكافر الحامل لمواطنتها! أو تجعل الولاء في نظامِها للقوم، فتكون "القومية" هي "الراية" التي تناضل من أجلها، وتوالي وتعادي عليها، فتدخل بهذا في وصف الافتراق عن الدين، والاجتماع على غير الإسلام، عن طريق التولِّي بغير ولايته مِمَّا دخل على الأمَّة من المفاهيم الجاهلية؛ (للبيان المستفيض حول هذا الموضوع؛ راجع كتَابنا: "الهوية والشرعية: دراسة في التأصيل الإسلامي لمفهوم الهوية ورفع الالتباسات عنه).

 

ويدخل فيها أيضًا - كما يقول الشيخ عبدالمجيد الشاذلي في كتاب "البلاغ المبين" -: "مجتمعات الردَّة إلى بدعة مكفِّرة، المجتمعات التي يغلب عليها عقائد الصوفية الفاسدة: الحلول، الوَحدة، الاتحاد، إسقاط التكاليف، الفيض... إلخ، المجتمعات التي يغلب عليها الممارسات الشركيَّة في العبادة، المتغلِّبون أصحاب الرايات العميَّة الذين فرَّقوا أمر الأمَّة وهو جميع، أصول البدع: الخوارج، الرَّوافض، الجهمية، المرجئة، القدَرية نفاة ومثبتة، أصحاب الاتجاه العقلي الذي يعارضون به الشَّرع ويخرجون به عن الأصول، كل ما يستجدُّ من ابتداع في أصل كلِّي من الدين"؛ اهـ.

 

ونختم ببيان الوضع الصَّحيح الذي ينبغي أن تكون عليه جماعات العمل الإسلامي؛ حتى لا تقع في أيٍّ من أوصاف الفرقة والبدع والهوى التي تخرجها من أوصاف الشرعية، وحتى تقوم بمهمَّتها الشرعية التي نشأت من أجلها، وننقُل في بيان ذلك كلامًا مهمًّا لفضيلة الشيخ عبدالمجيد الشاذلي من كتابه القيَّم: "الطريق إلى الجنة"، يقول:

 

وإنَّ هذه الأمة لها هدف واضح، وغاية واحدة في الدُّنيا، وهي العمل لتمكين دين الله في الأرض: ﴿ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ [الأنفال: 39]، وإنَّنا لَنُهيبُ بإخواننا رجالات الحركة الإسلامية وأبنائها أن يكونوا على منهج واحد، متمثلٍ في:

1- شموليَّة الدعوة المنبثقة عن شمولية التوجيه الربَّاني.

 

2- الخروج عن محدودية المقاصد إلى رسالة الإحياء.

 

وبالتالي: إذا تحققت وحدة المنهج - وقد تحقَّقت قبلها وحدة الهدف - فقد تحقَّقت وَحدة العمل الإسلامي، وإن تعدَّدت أُطرُه، وتنوَّعتْ مدارسُه وتوجُّهاته، وإنَّ هذه الأمة الواحدة لتدعو أبناءها أن يخرج منهم صفوةٌ رائدة تعزم العزمة، وتمضي على الطريق تتحمل التضحيات، تثبُت على المبدأ، وتحتفظ بالهدف، تخرج عن محدودية المقاصد إلى روح يسري في الأمة فيحييها بالقرآن، يتمثَّل فيها قول الله - تعالى -: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

 

صفوة لا تنسى أنها أمَّة من أمة الإسلام، جزءٌ منها، وبعضٌ من كلٍّ، تعمل لله من أجل هذه الأمة ومصلحتِها، لا من أجل نفسها وطائفتها وكيانها، متبرئةً في ذلك عن الوصف الذي ذمَّه الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 159]، متبرِّئة من هذا الوصف وممَّن اتصفوا به كما بـرَّأ ربُّنـا - تبـارك وتعالى - رسولَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - منهم، وتقول أمُّ المؤمنين "أم سلمة" - رضي الله عنها -: "إنَّ نبيَّكم قد برِئَ ممَّنْ فرَّق دينَه واحتزب"[11].

 

صفوة تخرج عن وصف التشيع المذموم المتبرَّأ منه شرعًا في قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 159]، إلى وصف جماعات العمل الإسلامي المحمودة شرعًا، والتي أمر الله - جلّ وعلا - بها في قوله - تعالى -: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، والتي أخبر عنها - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قوله: ((ولا يزال من أمَّتي أمَّةٌ يقاتلون على الحق، ويُزيغ الله لهم قلوبَ أقوامٍ، ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة))[12].

 

ولكي تحقِّق ذلك؛ لا بد لها من أن:

1- تقدِّم ولاءها العام للمسلمين على ولائها الخاصِّ لطائفتها إذا تعارضا.

 

2- يكون ارتباطُها كإطار عمل، وليس إطار انتماء.

 

3- تحافظ على وحدة الهوية والعقيدة مع غيرها من جماعات أهل السنَّة والجماعة.

 

صفوة تَحذَر في ممارساتها اليومية من التلبُّس بشيء من أوصاف التشيُّع المذموم، فلا تقدِّم ولاءها الخاص لإطارها على الولاء العام، ولا تنسى أنَّ إطارها إطارُ عمل وليس إطار انتماء، ولا تتفرق في الهُوية أو العقيدة.

 

صفوة مؤمنة حَبَّبَ الله إليها الإيمان وزيَّنه في قلوبها، وكرَّه إليها الكفر والفسوق والعصيان؛ فضلاً منه - سبحانه - ونعمة، عسى الله أن يحقِّق بها وعده الذي وعد عباده المؤمنين: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55]"؛ اهـ من كتاب "الطريق إلى الجنة"، تأليف الشيخ عبدالمجيد الشاذلي، تقديم الشيخ عبدالرحمن بن جبرين - رحمه الله.



[1] زاد مسلم في رواية أبي مسعود عن حذيفة: "فنحن فيه". (إضافة)".

[2] في رواية نصر بن عاصم: "فتنة". (بديل).

[3] في رواية ربيع بن خالد عن حذيفة عند أبي شيبة: "فما العصمة منه؟ قال: ((السيف))، قلت: فهل بعد السيف من تَقية؟ قال: ((نعم، هدنة)). (بديل وإضافة).

[4] في البخاري: ((يستنُّون بغير سنَّتي، ويهدون بغير هديي)). (إضافة).

[5] وفي حديث أمِّ سلمة عند مسلم: ((فمن أنكر برِئ، ومن كرِهَ سلِم)). (إضافة).

[6] وفي رواية أبي الأسود: ((فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوب الشياطين في جثمان إنس)). (إضافة).

[7] في رواية أبي الأسود: ((ولو ضرب ظهرَك، وأخذ مالَك)). (إضافة).

[8] زاد في رواية أبي الأسود: ((تسمع وتطيع، وإن ضرب ظهرَك وأخذ مالك)). (إضافة).

[9] وكذا في رواية خالد بن سُبيع عند الطبرانيِّ: ((فإن رأيت خليفة فالزمْهُ، وإنْ ضرب ظهرَك، فإن لم يكن خليفةٌ، فالهربَ)) الطبراني. (بديل).

[10] في رواية عبدالرحمن بن قُرْط عن حذيفة عند ابن ماجه: ((فلأنْ تموتَ وأنت عاضٌّ على جزلٍ خيرٌ لك من أن تتَّبع أحدًا منهم))، والجَزْل: عودٌ ينضض لتحتكَّ به الإبل؛ (ابن ماجه).

[11] الاعتصام للشاطبي جـ1، ص 60.

[12] رواه النسائي، وفي صحيح البخاري: "باب قول النبي - صلَّى الله عليه وسلّم -: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق))، وهم أهل العلم"، وقد ذكر ابن حجر في شرح هذا الباب في فتح الباري إحدى روايات الحديث، وهي رواية عمر بن هانئ بلفظ: ((لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك))، النسائي جـ6، ص 214 رقم "3561".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • واقعنا الثقافي

مختارات من الشبكة

  • المقصود من الصيام(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • المقصود بزكاة الفطر والأصل في وجوب زكاة الفطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقصود أنت (بطاقة أدبية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • بيان المقصود من كتاب "الوجيز" للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شرح المقصود بالإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غاية المقصود مختصر الدر المنضود (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المقصود بنكاح الشغار وحكمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقصود في بيان ما حسدتنا عليه اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقصود بأحكام الفقه الإسلامي(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • ما المقصود بالمسار الترجمي؟(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
3- رضى الله عنهم
الفجر الصابح 16-11-2014 02:09 AM

رغم صرامة الكلمات وشدتها خصوصا المنقولة عن الشيخ عبد المجيد رحمة الله يبقى فيها اطاردها مع الحديث والاية
ولكأننا نقبس من الحديث نفسه يوم قيل !؟
فلعلها بك راشدة كما كان الراشدين الأربعة
رضى الله عنهم
وألحقنا بهم سنة ومقاما
سنة :شورى
مقاما :جنات الخلود
آمين

2- جزاك الله خيرا
ملاك الحور - عمان 08-04-2012 01:15 PM

جزاك الله خيرا

1- عرض رائع
محمود خطيب 06-04-2012 06:09 AM

بارك الله بك أخي شريف على هذا الشرح والعرض السهل والتسلسل المنطقي في عرض القضية وشرحها..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب